الأرزاق مقسمة الأرزاق بيد الله
يحكى ان رجلا ضاقت عليه الدنيا بما رحبت لضنك عيشه وقلة رزقه, فكان فقير الحال لا يكاد يحصل قوت يومه, ومع تقدم عمره تزوج بامرأة ليزداد قلقه و كربه فالاحوال لا تتغير رغم كده وتعبه, وكان يسمع دائما ان الارزاق مقسمة من قبل ان يولد الانسان, فقال في نفسه لما لا أبحث عن رزقي و أرى سبب هذا الغبن وقد يكون لي نصيب مخفي لم يبلغني بعد.
فحمل الرجل زاده و ودع زوجته و توكل, و بعد بحث وشقاء و جهد وعناء و وقت كثير قضاه في الاستقصاء, وصل لمكان وجد فيه شيخا طاعنا في السن بلباس ابيض نظيف ولحية طويلة بيضاء, فألقى عليه التحية و أخبره انه يبحث عن مكان تقسيم الأرزاق ليرى ما ضير رزقه وسبب ضنكه وفقره, فأجابه الشيخ بهدوء تفضل استرح اولا يا ولدي ولا تستعجل على رزقك وقدم له الطعام والماء, فملأ الرجل معدته وسقى عروقه و هم بالرحيل.
فقال له الشيخ: أرأيت يا ولدي ذلك الجبل اذهب هناك ورائه ستجد حارسا فاسأله فسيدلك على رزقك, و أوصيك يا ولدي لا تستعجل على رزقك فالارزاق مقسمة.
فذهب الرجل مهرولا فلما بلغ المكان وجد الحارس فألقى عليه التحية, فسأله الحارس ما شأنه فأجاب الرجل انه يريد رزقه فسأله الحارس ما اسمه فأجاب فلان بن فلان ثم سأله عن اسم أمه فأجاب فلانة.., فأخذه الى مكان واسع جدا فيه عين كبيرة لا تنضب فيه الكثير الكثيرمن الحنفيات بعضها تصب بغزارة شديدة و بعضها متوسطة والغالبية على حسب الحال, فأراه الحارس حنفية قائلا هذا رزقك المكتوب عليه اسمك و ذهب, فوجدها الرجل تكاد تقطر بصعوبة فاشتد حزنه و زاد غضبه فقال هذه مسدودة فحمل عودا من خشب راغبا في ازالة ما يسدها لتصب بغزارة, لكن العود انكسر بداخلها فسدت تماما و مهما حاول فلا جدوى.
يقول تعالى: ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ) 22 23 الذاريات.
فالرزق مكتوب تناله بالسعي والجد والكد, فلا تستعجل عليه فيقال ان من استعجل على رزقه أكله حراما.
يقول ابو تمام:
ينالُ الفتى من عيشهِ وهو جاهلٌ ويكدي الفتى في دهره وهو عالم
ولو كانت الأرزاقُ تجري على الحجا هلكن إذن من جهلِهنَّ البَهَائِمُ
ويقول الامام الشافعي رحمه الله:
عليك بتقوى الله ان كنت غافلا يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري
فكيف تخاف الفقر و الله رازقا فقد رزق الطير والحوت في البحر.
ومن ظن ان الرزق يأتي بقوة ما أكل العصفور شيئا مع النسر
تزول عن الدنيا فانك لا تدري اذا جن عليك الليل هل تعيش الى الفجر.
فكم من صحيح مات من غير علة و كم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى أمسى و أصبح ضاحكا و أكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري
تعليقات
إرسال تعليق