القائمة الرئيسية

الصفحات

 قصص من الأثر لها عبر

قصص مكنونة في طيات التراث الشعبي, يتوارثها الأباء عن الأجداد, ليحكوها لأبنائهم ولذويهم و أحبائهم, قصص لها معاني وعبر تكاد تندثر.


فانتزيا المغرب العربي


الأرزاق مقسمة الأرزاق بيد الله

يحكى ان رجلا ضاقت عليه الدنيا بما رحبت لضنك عيشه وقلة رزقه, فكان فقير الحال لا يكاد يحصل قوت يومه, ومع تقدم عمره تزوج بامرأة ليزداد قلقه و كربه فالاحوال لا تتغير رغم كده وتعبه, وكان يسمع دائما ان الارزاق مقسمة من قبل ان يولد الانسان, فقال في نفسه لما لا أبحث عن رزقي و أرى سبب هذا الغبن وقد يكون لي نصيب مخفي لم يبلغني بعد.

فحمل الرجل زاده و ودع زوجته و توكل, و بعد بحث وشقاء و جهد وعناء و وقت كثير قضاه في الاستقصاء, وصل لمكان وجد فيه شيخا طاعنا في السن بلباس ابيض نظيف ولحية طويلة بيضاء, فألقى عليه التحية و أخبره انه يبحث عن مكان تقسيم الأرزاق ليرى ما ضير رزقه وسبب ضنكه وفقره, فأجابه الشيخ بهدوء تفضل استرح اولا يا ولدي ولا تستعجل على رزقك وقدم له الطعام والماء, فملأ الرجل معدته وسقى عروقه هم بالرحيل.

 فقال له الشيخ: أرأيت يا ولدي ذلك الجبل اذهب هناك ورائه ستجد حارسا فاسأله فسيدلك على رزقك, و أوصيك يا ولدي لا تستعجل على رزقك فالارزاق مقسمة.

فذهب الرجل مهرولا فلما بلغ المكان وجد الحارس فألقى عليه التحية, فسأله الحارس ما شأنه فأجاب الرجل انه يريد رزقه فسأله الحارس ما اسمه فأجاب فلان بن فلان ثم سأله عن اسم أمه فأجاب فلانة.., فأخذه الى مكان واسع جدا فيه عين كبيرة لا تنضب فيه الكثير الكثيرمن الحنفيات بعضها تصب بغزارة شديدة و بعضها متوسطة والغالبية على حسب الحال, فأراه الحارس حنفية قئلا هذا رزقك المكتوب عليه اسمك و ذهب, فوجدها الرجل تكاد تقطر بصعوبة فاشتد حزنه و زاد غضبه فقال هذه مسدودة فحمل عودا من خشب راغبا في ازالة ما يسدها لتصب بغزارة, لكن العود انكسر بداخلها فسدت تماما و مهما حاول فلا جدوى, فغلب عليه الحزن و الغم والهم بأشد مما سبق فحتى القطرة قطعها بتهوره و استعجاله, فجأة تذكر زوجته فرحع للحارس و سأله عن مكان رزقها فدله على حنفية فوجدها تسيل على قدر الحال فرجع فرحا وحمد الله.


يقول تعالى: ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ) 22 23 الذاريات.

فالرزق مكتوب تناله بالسعي والجد والكد, فلا تستعجل عليه فيقال ان من استعجل على رزقه أكله حراما.

فيقول ابو تمام:

ينالُ الفتى من عيشهِ وهو جاهلٌ              ويكدي الفتى في دهره وهو عالم

ولو كانت الأرزاقُ تجري على الحجا        هلكن إذن من جهلِهنَّ البَهَائِمُ!

ويقول الامام الشافعي رحمه الله:

عليك بتقوى الله ان كنت غافلا           يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري

فكيف تخاف الفقر و الله رازقا           فقد رزق الطير والحوت في البحر.

ومن ظن ان الرزق يأتي بقوة           ما أكل العصفور شيئا مع النسر

تزول عن الدنيا فانك لا تدري           اذا جن عليك الليل هل تعيش الى الفجر.

فكم من صحيح مات من غير علة      و كم من سقيم عاش حينا من الدهر

وكم من فتى أمسى و أصبح ضاحكا    و أكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري


فانتازيا المغرب العربي


جاهل المسلمين يفحم عالم النصارى

يحكى ان مبشرا قدم لبلاد المسلمين وقصد قرية كان مقيما بها جحا و طلب المناظرة, ولم يكن بين أهل القرية عالما فقيها فاحتار أهل القرية أمام اصرار المبشر على المناظرة, ثم اتفقوا ان هذا أمر لا مفر منه وليس لهذه المهمة سوى جحا.

فبحثوا عنه فقيل انه في أطراف القرية فقصده القوم, وكان جحا وقتها قد ادركه الجوع و كانت لديه بيضة واحدة مسلوقة فجلس ليأكلها, ولما رآى القوم مهطعين نحوه ربط البيضة في جانب شاشه و أعطى أرجله للريح هاربا, فلحقه به القوم ولما امسكوه سألهم ما خطبكم فأخبروه قصة المبشر و أنهم متأكدون ان لا أحد سينقذهم سوى جحا, عندها تنفس جحا قائلا في نفسه الحمد لله ظننتهم يريدون البيضة المسلوقة, فأخذوه وهم يصيحون جحا لها جحا لها… وجحا يزيد انتفاخا وغرورا.

ولما تقابل الرجلان سأل المبشر النصراني جحا: هل تبدأ أم أبدأ؟ فقال جحا ابدأ أنت فأنت ضيف, عندها أشار المبشر النصراني باصبعه الى وجه جحا, فاغتاظ جحا فأشار للمبشر باصبعين محركا كلاهما, فأشار المبشر النصراني باصبعه الى السماء فأشار جحا الى الأرض, ثم اخرج المبشر النصراني من حقيبته دجاجة ففتح جحا جانب شاشه وأخرج البيضة فصاح المبشر النصراني كفى أعترف بالهزيمة, فهلل أهل القرية و حمل بعضهم جحا على الأكتاف وذهبوا به فرحين.

 أتباع المبشر النصراني سألوه كيف هزمه جحا, قال لما أشرت له بأصبعي قلت له ان الله واحد فحرك اصبعيه وقال لا ثاني له, وعندما أشرت باصبعي للسماء قلت له ان الله في السماء فاشار بأصبعه الى الأرض قائلا و في الأرض ايضا, أما عندما أخرجت له الدجاجة فكنت أشير الى أن الله يخرج الحي من الميت لكنه رد عليا فأخرج البيضة ليقول ان الله يخرج الميت من الحي ايضا فأفحمني.

اما جحا فلما خلى بأصحابه سألوه ماذا جرى؟ فأخبرهم قائلا: عندما أشار باصبعه فقد قال لي سأفقع عينك فاغتظت وقلت له و أنا سأفقه عينيك الاثنتين, ولما أشار باصبعه الى السماء كان يقول سأضربك فأطيرك في السماء فأشرت للارض قائلا له اني سأضربه و أدك به الأرض فخاف, ثم أخرج الدجاجة متفاخرا بأنهم يأكلون لحم الدجاج, فأخرجت له البيضة لأقول له و نحن نأكل بيض الدجاج فصعق واعترف!!!!

قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل125].

وتبقى هذه مجرد قصة من التراث تشير الى أن الانسان في كثير من الأحيان قد تكون نواها الحسنة هي التي تنجيه ويهديه الله بها للتوفيق.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات